توعد الجيش المصري الاثنين ب "الانتقام" لمقتل 16 من قوات حرس الحدود في هجوم شنه مسلحون وصفوا بأنهم "ارهابيون" تسللوا بعد ذلك الى اسرائيل حيث قتل خمسة منهم.
ويعد هذا الهجوم الاخطر الذي تتعرض له القوات المصرية في سيناء منذ توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل في العام 1979.ويشكل كذلك اكبر ازمة امنية يواجهها الرئيس المصري الجديد المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي منذ توليه مهام منصبه في 30 حزيران/يونيو الماضي.
وتحت عنوان "نقسم بالله انا لمنتقمون"، قال بيان للمجلس الاعلى للقوات المسلحة بثه المسؤول عن صفحته الرسمية على الانترنت واذاعته وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ليل الاحد/الاثنين "نحن لسنا ضعفاء أو جبناء أو نخشى المواجهات، ولكن من الواضح أنه لم يعد يفهمنا الجهلاء ذوو العقول الخربة التي تعيش في عصور الجاهلية، نحن راعينا حرمة الدم المصري لكن ثبت اليوم أنهم ليسوا مصريين، رحم الله شهداءنا الأبرار وإنا غدا لمنتقمون".
واضاف البيان ان مرتكبي الاعتداء على حرس الحدود المصريين "لا دين لهم ولا ملة وإنما هم كفرة فجرة، أثبتت الأيام أنه لا رادع لهم إلا القوة وسيدفع الثمن غاليا كل من امتدت يده طيلة الشهور الماضية على قواتنا في سيناء، سيدفع الثمن غاليا أيضا كل من تثبت صلته بهذه الجماعات أيا كان وأيا كان مكانه على أرض مصر أو خارجها".
وبحسب السلطات المصرية، استولت مجموعة من قرابة 10 اشخاص مسلحين بالاسلحة الالية والقنابل اليدوية وقاذفات الصواريخ المحمولة مساء الاحد على مدرعيتن عند حاجز امني قريب من الحدود وقتلت 16 من قوات حرس الحدود.
ونجح المهاجمون بعد ذلك في الدخول الى الاراضي الاسرائيلية باحدى المدرعتين قبل ان تفشل القوات الاسرائيلية تحركهم. وقتل خمسة من اعضاء المجموعة المسلحة، بحسب الجيش الاسرائيلي.
وقال الجنرال يواف مردخاي المتحدث الرئيسي باسم الجيش الاسرائيلي للاذاعة العسكرية "كنا مستعدين لانه توفرت لدينا معلومات مسبقة من جهاز الامن الداخلي (الشين بيت) والاستخبارات العسكرية الامر الذي ساعد في احباط هجوم دموي".
واشار مردخاي الى ان الالية المدرعة التي كانت فيها المجموعة المسلحة "اطلقت النار في جميع الاتجاهات بعد دخولها الى الاراضي الاسرائيلي قبل ان تهاجمها الدبابات والطائرات".
ووصف مردخاي اعضاء المجموعة المسلحة "بعناصر من الجهاد العالمي متمركزين في سيناء التي اصبحت بؤرة للارهاب العالمي بسبب ضعف السيطرة" المصرية عليها.
وتابع مردخاي "ارتكبت عناصر تقيم في سيناء هذا الهجوم ويفترض بان لديهم صلات مع عناصر في قطاع غزة".
وتعهد الرئيس المصري ليل الاحد/الاثنين باستعادة السيطرة على سيناء بعد اجتماع مع مسؤولين من الجيش والشرطة واجهزة الاستخبارات.
وقال مرسي في كلمة بثها التلفزيون ان القوات المصرية "ستفرض كامل السيطرة على هذه المناطق"، متوعدا منفذي الهجوم بان يدفعوا "ثمنا غاليا".
واعلن وزير الداخلية المصري اللواء احمد جمال الدين في بيان رسمي انه "تم تشكيل مجموعة عمل من المتخصصين على مستوى عال من أجهزة المعلومات والأجهزة المتخصصة بوزارة الداخلية للتوجه الفوري لموقع الأحداث لكشف الملابسات والخلفيات التى أحاطت بهذا الحادث وتحديد أبعاده والتوصل لكل من شارك أو تعاون مع مرتكبيه".
ولا يتواجد الجيش المصري بكثافة في شبه جزيرة سيناء بسبب اتفاقات السلام بين اسرائيل ومصر عام 1979 التي نصت على نزع السلاح في المنطقة.
وحذرت السلطات الاسرائيلية اكثر من مرة اخيرا من انشطة متصاعدة داخل سيناء لمجموعات راديكالية تأتي من قطاع غزة الواقع على الحدود الشمالية المصر.
ووصفت الصحف المصرية الاثنين الهجوم بأنه "ارهابي". وقالت صحيفة الاخبار الحكومية ان "مجموعات جهادية من غزة وسيناء شنت الهجوم".
ويعتبر هذا الهجوم اكبر ازمة امنية تواجه مرسي الذي انتهى للتو من تشكيل حكومته برئاسة هشام قنديل تسلمت مهامها الخميس الماضي.
ويخوض مرسي منذ انتخابه تجرية تعايش صعبة مع الجيش المصري الذي احتفظ قائده المشير حسين طنطاوي بمنصب وزير الدفاع في الحكومة الجديدة.
وكان الجيش المصري تولى السلطة التنفيذية في البلاد منذ اسقاط مبارك في شباط/فبراير 2011 قبل ان يسلمها لمرسي نهاية حزيران/يونيو. ولكنه يحتفظ بالسلطة التشريعية ويحتفظ باليد الطولى في ما يتعلق بالشؤون الامنية.
وصرح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الاحد بان الهجوم يؤكد "ضرورة تحرك السلطات المصرية بشكل حازم لاعادة الامن ومكافحة الارهاب في سيناء".
اما السفير الاسرائيلي السابق في مصر اسحق ليفانون فاعتبر في تصريحات للاذاعة العسكرية ان هذا الهجوم يعد ضربة "للمؤسسات الامنية وللرئيس محمد مرسي وكذلك للجيش واجهزة الاستخبارات".
واضاف انه اثناء الهجوم كان المسؤولون المصريون "يناقشون مع ممثلين لقبائل البدو وسائل تحسين الامن في المنطقة".
ومن جهته، اتهم ناجح ابراهيم احد قيادات تنظيم الجماعة الاسلامية (الذي كان يتبنى العمل المسلح قبل ان يعلن نبذ العنف في نهاية تسعينات القرن الماضي) اسرائيل بانها تقف وراء الهجوم.
وقال في تصريحات نشرتها صحيفة الشروق المستقلة ان الهجمات على القوات في سيناء ربما "يكون خلفها جماعات تكفيرية سيناوية مخترقة من الموساد".
واضاف ان هناك "عقلا مدبرا اسرائيليا وراء هذه الاحداث من اجل اضعاف الرئيس مرسي واحراجه ووضع الجيش في مواجهة مع الاسلاميين".
واعتبر المحلل السياسي في مركز الاهرام للدراسات السياسية عماد جاد ان هذا الهجوم "سيضعف موقف مرسي في مواجهة المؤسسات الامنية التي ترى ضرورة فرض تدابير امنية مشددة على الفلسطينيين الآتين من غزة".