يتزامن شهر رمضان المبارك هذا العام مع صيف ساخن بارتفاع درجات الحرارة في السعودية في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) إلى 50 درجة مئوية في أوقات النهار، مع امتداد فترة الصيام لـ16 ساعة، حيث يعول اختصاصيو التغذية والتثقيف الصحي على أن يكون رمضان فرصة لبدء حياة صحية للأفراد، بتغيير بعض العادات الغذائية والإكثار من شرب الماء وممارسة الرياضة اليومية والإقلاع عن التدخين.
بداية صحية
* وذكرت منيرة البعيجان اختصاصية التغذية لـ«الشرق الأوسط» أن رمضان فرصة للاستثمار في الصحة والتحكم في وزن الجسم، وقد يكون هذا الشهر مفتاحا لأبواب الحياة الصحية حال استثماره بطريقة صحية والبدء في تغيير العادات الغذائية. وقالت إن نوع الطعام بمفرده لا يكفي لحياة صحية، وإنما يدخل ضمنها: وقت الأكل، وكمية وطريقة الأكل، والطهي، علاوة على أهمية ممارسة الرياضة اليومية لنصف ساعة على الأقل، وفي رمضان يفضل ممارستها قبل الإفطار بساعة أو بعد الإفطار بساعتين، لتجنب الجفاف والعطش، لتتشكل لوحة تكمل بعضها بعضا وترسم جسما سليما وصحيا.
وأوضحت البعيجان أن من المهم مراعاة تقسيم فترات الأكل في رمضان إلى أربع فترات، وعدم تناول الطعام بكميات كبيرة في وقت واحد، كالإفطار على التمر أو الرطب، ثم تناول الوجبة الرئيسية بعد ربع إلى نصف ساعة من الأذان، ثم تناول وجبة خفيفة بعد التراويح حتى وقت السحور.
وتعتبر البعيجان أن التمر من أفضل الأغذية في رمضان، لاحتوائه على سكر الغلوكوز الذي يمد الجسم بالطاقة؛ فهو سريع الهضم وغني بالألياف الغذائية مما يزيد الشعور بالشبع، ويمكن شرب كوب من الماء أو اللبن مع التمر لتعويض السوائل المفقودة خلال فترة الصيام الطويلة. وتنصح في الوجبة الرئيسية، بتناول الحساء المعد في المنزل مثل حساء الخضراوات والعدس، وتجنب أكياس الشوربة الجاهزة لاحتوائها على نسبة عالية من الأملاح والدهون والكولسترول، مع تأكيدها على أهمية تناول سلطة الخضراوات الطازجة؛ واختيار المقبلات المطهوة بالفرن.
حلويات رمضان
* وتنصح اختصاصية التغذية بتجنب تناول الحلويات بعد الإفطار مباشرة لتجنب الخمول، وتناولها بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات بعد الإفطار، والتقليل من المقليات واستبدال المقبلات الخفيفة الطازجة بها، وأيضا استبدال الفواكه الطازجة، باعتدال، بالحلويات الدسمة، أو استخدام منتجات الألبان قليلة الدسم في الحلويات مثل المهلبية، مشيرة إلى أهمية تجنب شرب المشروبات المحلاة بالسكريات والصبغات، والاكتفاء بالعصائر الطازجة أو منقوع الفاكهة المجففة كقمر الدين (المشمش)، والتقليل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين كالقهوة والشاي، كونها تتسبب في نقص السوائل بالجسم، واستبدال 6 إلى 8 أكواب من الماء بها، لتعويض نقص السؤال في الجسم وقت الصيام.
وتنصح اختصاصية التغذية البعيجان بسحور متوازن قليل الملح والسكريات وغني بالألياف كالخبز الأسمر والفواكه الطازجة كالموز، والبروتينات في اللحوم المشوية، والبيض، لأنها تشعر الصائم بالشبع لفترة أطول، موصية بتجنب الموالح والسكريات التي تزيد من العطش والإحساس بالجوع في اليوم التالي، واتباع الوصية النبوية «بتأخير السحور» إلى قبل أذان الفجر بساعة أو ساعتين لا سيما في وقت الصيام الطويل.
استثناء المرضى
* ويستثنى بعض المرضى من الصيام في حالات خاصة، كما أشارت اختصاصية التثقيف الصحي أمل المنصور في حديثها مع «الشرق الأوسط» بأنه لا ينصح بالصيام للمرضى الخاضعين لعمليات تحوير الأمعاء وقص المعدة وطيها في فترة النقاهة، إلا بعد مرور أكثر من 3 أشهر من تاريخ إجراء العملية، وتقول أمل المنصور: «يتوجب على المريض اتباع النظام الصحي بعد العملية بشرب 3 لترات من الماء والسوائل يوميا ولقرابة السنة بعد إجراء العملية، ويكون هناك نظام دقيق لتناول الأكل وتعويض نقص الفيتامينات، لأن ثلثي المعدة تم استئصاله بأحماضها التي تنشط الامتصاص».
وأفادت الاختصاصية المنصور بأن التدرج في الأكل الصحي يكون على دفعات خلال أشهر التعافي من العملية التي تصل إلى 5 - 6 وجبات يومية إلى جانب الفيتامينات والسوائل التي يحتاجها المريض لتقوية بدنه ومعدته بعد تصغيرها، وذلك بمداومته على تناول الأدوية، مما يمنعه من الصيام طول شهر رمضان.
ويعتبر الصيام علاجا وراحة للمصابين بالقولون العصبي وقرحة المعدة، كونه يخفف من التقلصات في الأمعاء ويخفف على المعدة عبء الهضم، ولكنه سرعان ما يصبح وبالا عليها، حال الإفراط في تناول وجبتي الإفطار والسحور، وعدم اتباع نصائح الطبيب المتابع للحالة في تقسيم الوجبات لحصص صغيرة يسهل هضمها ولا تسبب تهيجا في القولون.
وينصح الدكتور سيد زعزوع، اختصاصي الباطنة، بابتعاد مرضى «قرحة الاثنا عشر» عن الصيام خلال فترة العلاج الممتدة لثلاثة أشهر من تاريخ تشخيص الإصابة، لأن الصوم يتسبب في آلام شديدة في معدته للمصاب عند الجوع، لا تخف إلا بتناول الطعام.
ويتوقف عن الصوم المريض مستقر الحالة حالما يشعر بالإعياء والتعب خلال النهار، كمرضى السكري والمرأة الحامل لتجنب حدوث المضاعفات من هبوط وانخفاض لنسبة السكر في الدم، أو مشكلات في ضغط الدم مما يتسبب في فقدان الوعي، حتى يتعافى وتستقر حالته ويسمح له بالصيام خلال شهر رمضان.
وبشكل عام، ينصح الأطباء واختصاصيو التغذية باتباع حمية غذائية ونمط حياة صحي في شهر رمضان بتقليل الدسم في الطعام والابتعاد عن المقليات، واختيار البديل الصحي من فواكه ومأكولات تحتوي على البروتينات والألياف، وتجنب السكريات قدر الإمكان.
وممارسة الرياضة اليومية لها دور كبير في المحافظة على الصحة كرياضة المشي والسباحة وركوب الدراجة، فهي تحفز من جانب آخر للإكثار من شرب الماء حال العطش بسبب فقدان الجسم السوائل جراء المجهود البدني المبذول.
من جانب آخر، فإن الصوم لمدة شهر لما يقارب 16 ساعة خلال النهار قد يشجع المدخن على تقوية الإرادة بترك عادة التدخين والإقلاع عنها بشكل تدريجي، حيث يبدأ الدماغ في التعود تدريجيا على الحياة من دون نيكوتين، وتقل رغبة المدخن في إشعال سيجارته بعد مرور عدة أسابيع من تركها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق