الثلاثاء، 24 يوليو 2012

أزمة الدجاج» ما زالت تتفاعل في إيران وسط الغضب والنقد اللاذع




في وقت سابق من الشهر تدخل رئيس الشرطة الوطنية في إيران بجرأة فيما عرف لاحقا بـ«أزمة الدجاج»، مثيرا جدلا لم يتوقف حتى الآن.

وأصبح ارتفاع سعر الدجاج الذي يفضله الإيرانيون مطبوخا بالزعفران أو البرقوق أو الرمان قضية رأي عام ساخنة، في علامة على تراجع القدرة الشرائية لكثير من الإيرانيين، لدرجة أن إسماعيل أحمدي، مقدم رئيس الشرطة الوطنية، رأى أن من واجبه التدخل.

وحث رئيس الشرطة القنوات التلفزيونية على عدم بث صور لأناس يأكلون الدجاج، قائلا إن مثل هذه الصور قد تشعل توترات اجتماعية لا يمكن التنبؤ بعواقبها.

ونقلت عنه وكالة «مهر للأنباء» قوله إن «بعض الناس عندما يرى هذه الفجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء قد يستل سكينا ليأخذ ما يرى أنه حقه من الأغنياء».

وفي حدود المعروف لم يحدث أن ذهب أحد لهذا المدى، لكن مع معاناة الاقتصاد الإيراني في ظل إدارة حكومية عشوائية ونتيجة العقوبات الغربية المفروضة على البلاد بسبب برنامجها النووي، فقد قفزت أسعار الغذاء والوقود بشكل كبير في الأشهر الثمانية عشر المنصرمة.

وارتفع سعر كيلو الدجاج إلى نحو 65 ألف ريال، أو أكثر من خمسة دولارات بسعر الصرف الرسمي، مسجلا ثلاثة أمثال سعره قبل عام. وهذا يجعله ليس في متناول الكثيرين في دولة بلغ نصيب الفرد من الناتج القومي فيها نحو 4520 دولارا في 2009 أو 377 دولارا شهريا وفقا لأحدث تقديرات البنك الدولي.
ويرجع ارتفاع سعر الدجاج بالأساس لقفزة في تكلفة استيراد علف الدجاج مع تراجع العملة الإيرانية التي انخفضت في السوق السوداء أكثر من 40 في المائة أمام الدولار الأميركي عن مستواها في بداية العام.
وفي حين يصبح الدجاج وجبة نادرة على موائد الطبقة المتوسطة والعاملة، يعبر الكثير من الإيرانيين عن حنقهم بسخرية لاذعة.
وسخر رسام الكاريكاتير الإيراني مانا نيستاني الذي يعيش في فرنسا، من تحذير أحمدي مقدم برسم يظهر شابا يشاهد فيلما إباحيا بينما يحاول والده تغطية جزء من الصورة تظهر فيه دجاجة قائلا: «كم مرة علي أن أحذرك من مشاهدة أفلام بها دجاج..».
ونشر المصور اراش اشورينيا على موقعه الإلكتروني مجموعة من الصور لأطباق شهية من الدجاج، وكتب تحتها يقول: «من الممكن أن يتم حظر نشر هذه النوعية من الصور. بالطبع لدي الكثير من الصور الأجمل لكنني لا أريد انتهاك الأمن الوطني».
وتعج حسابات الشبكات الاجتماعية الخاصة بإيرانيين بالتعليقات.

وقال أحد سكان شيراز على موقع «تويتر»: «الناس فئتان.. تحت خط الدجاج وفوق خط الدجاج».

وسخر آخر على الموقع نفسه قائلا إن مهر الفتاة في إ
يران سيصبح 200 طن من الدجاج بدلا من القطع الذهبية التقليدية.

ومن جانبهم يبذل المسؤولون قصارى جهدهم لطمأنة الإيرانيين الغاضبين إلى أن الدجاج سيكون متوفرا بكميات كبيرة وبأسعار معقولة، وذلك خشية تفجر سخط شعبي.
وتم إعلان غرامات على من يقومون بالتربح من بيع الدجاج الذي تدعمه الحكومة للمستهلكين في شهر رمضان.
وبثت وسائل الإعلام الإيرانية التي تسيطر عليها الدولة صورا لطوابير من الناس على شراء الدجاج المدعوم حكوميا في الأسابيع الأخيرة فيما يبدو لإظهار أن الحكومة تتصدى للمشكلة.
ويقول مسؤولون إن إيران تحملت أكثر من ثلاثة عقود من العقوبات الاقتصادية ويمكنها الصمود لفترة أطول. ووصفت بعض الشخصيات الحكومية، منها الرئيس محمود أحمدي نجاد، العقوبات بأنها نعمة ستجعل طهران تستغني عن السلع الأجنبية وتقلل اعتمادها على إيرادات النفط.
لكن صناعة الدجاج الإيرانية ما زالت معتمدة على الخارج حتى الآن على الأقل، حيث يتم استيراد معظم فول الصويا والذرة التي يتم تغذية الدجاج بها.
وألقى منتج كبير للدجاج في إيران، طلب عدم الكشف عن هويته، مسؤولية ارتفاع الأسعار على سوء الإدارة الحكومية إلى جانب العقوبات.
وقال لوكالة «رويترز»: «نصف مزارع الدجاج تقريبا توقفت عن الإنتاج لأن المواد الأولية المستوردة أصبحت مرتفعة التكلفة»، مشيرا إلى ارتفاع حاد في أسعار العلف واللقاحات المستوردة.
ومضى يقول: «نشعر بأسف شديد لهذا الوضع، لكن من المستحيل خفض الأسعار. هذا محزن بشدة لكثير من الإيرانيين».
وفي ظل رقابة شديدة على أي نشاط للمعارضة في إيران يبدو مستبعدا أن تؤدي أزمة الدجاج وتدهور الاقتصاد بوجه عام لاحتجاجات واسعة تتحدى قبضة الحكومة على السلطة.
لكن سعر الدجاج أصبح قضية سياسية في البلاد، حيث قام بعض نواب البرلمان المعارضين للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بانتقاد السلطة التنفيذية علنا لفشلها في الاستعداد لتفادي الأزمة.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن علي لاريجاني، رئيس البرلمان والمنتقد لأحمدي نجاد: «حذر تجار المواشي والدواجن قبل ثمانية أشهر من نقص العلف».
ويتعرض أحمدي نجاد لانتقادات متزايدة بسبب سياسته الاقتصادية منذ ألغى في 2010 الدعم السخي على السلع لكل الإيرانيين تقريبا، واستبدله بمدفوعات نقدية، مما أدى لارتفاع التضخم.
وعلى الرغم من أن توفير الحكومة للدجاج المدعوم خفف المشكلة بعض الشيء فإن ذلك قد يؤدي لأثر عكسي؛ إذ يعيد لأذهان بعض الإيرانيين أسوأ أيام الاقتصاد أثناء الحرب مع العراق في الثمانينات.
وقال إيهان، وهو أستاذ جامعي يعيش في طهران: «هناك طوابير لشراء الدجاج كل يوم... هذا يذكرني بعام 1981».

0 التعليقات:

إرسال تعليق